أحمد وجيه
دكتور الفلسفة الإسلاميّة بكلّيّة دار العلوم جامعة القاهرة
الأربعاء ١٨ أكتوبر ٢٠١٧
اعتمد المتكلّمون المسلمون على مفهومَيْ القطعيّة والظنّيّة في بنية استدلالهم الكلاميّ على قضايا الإلهيّات وفرز المعارف المختلفة لبيان ما يمكن أن يُعتمَد عليه منها وما لا يمكن. هذا من الناحية النظريّة، أمّا الناحية التطبيقيّة فقد استقرّ لدى كلّ مذهبٍ كلاميّ مجموعةٌ من المعارف الّتي وصفها بالقطعيّة ومن ثمّ أمكنه الاعتماد عليها، بما قد يخالف غيره من المذاهب الأخرى. ممّا أدّى إلى خلافٍ كلاميّ بين المذاهب في تحديد مُسمّى القطع ومُسمّى الظنّ.
وقد تسلّلتْ فكرة القطعيّة والظنّيّة—بمفهومها الكلاميّ—إلى بعض العلوم الأخرى كعلوم الحديث وعلم أصول الفقه، من خلال التأثير الكلاميّ على هذين العلمين بشكلٍ عامّ ومتفاوت، ومن أمثلة ذلك ما وقع في كتاب «الكفاية في علم الرواية» للخطيب البغداديّ (ت ١٠٧١/٤٦٣) الّذي ظهر أثر هذه القضيّة في بعض بحوثه، كالكلام في الحديث المتواتر. وكذلك ظهر أثر هذه القضيّة على مباحث كثيرة في علم أصول الفقه مثل «الاجتهاد» ومجالاته، والكلام على تعدّد الحقّ، والتفريق بين مراتب دلالات الألفاظ، وغيرها من المباحث والفصول.